دستور الكنيسة - تمهيد

أبريل 16, 2024 - 18:43
أبريل 28, 2024 - 13:58
 0  11

تمهيد

الكنيسة الإنجيليّة

وأساس عقيدتها تاريخيًا

 

الفصل الأول

 كلمة كنيسة: استخدم المسيحيون الأوائل هذه الكلمة وكانت تعني، وقتئذٍ، الذين قبلوا الإيمان بالمسيح ربًا وفاديًا لهم. فكان المؤمنون من المسيحيين (يهودًا ويونانيين) يحضرون العبادة في الهيكل أو المجمع ويمارسون كسر الخبز، والصلوات في البيوت، وفي هذا العمل إجراء مزدوج- رابطة الشركة وإعالة المحتاجين.

كنيسة أورشليم

    كان التنظيم بسيطًا في كنيسة أورشليم تحت قيادة الرسول بطرس، ثم من بعده الرسول يوحنا. وفي تعيين الشمامسة السبعة بدأ نظام «الدياكونيّة» أما نظام المشيخة فكان الغرض منه تدبير احتياجات الكنيسة فمرجعه للرسول بولس (أعمال 14: 23).

      ولما أُلقي بطرس في السجن سنة 44م صارت قيادة كنيسة أورشليم من نصيب الرسول يعقوب، الذي ظل في هذا المنصب الذي كان يسمى «الأسقفيّة» ولكن لم يطلق على يعقوب لقب أسقف حتى استشهاده في سنة 63م.

كنيسة أنطاكيّة

    كانت أنطاكيّة عاصمة سوريا، وكانت مدينة من الطراز الأول. كانت المدينة ملتقى كل من اليونانيين، والسوريين، واليهود.

   لجأ إليها الهاربون من الاضطهاد ومنها خرجت السفرات التبشيريّة إلى أوروبا وتظهر فيها بصمات بولس رسول الأمم.

كنائس أسيا الصغرى

    في سنة 100م كان حضور الكنيسة في أقاليم أسيا الصغرى واضحًا وكان العمل منتظمًا وقويًا، كما ظهر عدد من الكتّاب المسيحيين مثل كلمنت، وأغناطيوس، وبوليكاربوس.

 وكان المسيحيون ينظرون إلى أنفسهم على أنَّهم جنس مختار. وقد كانت الحياة المسيحيّة تسير في خطيْن متوازييْن؛ العبادة: بقراءة الكلمة وشرحها، والصلاة، والتسبيح، وكسر الخبز، أما الخط الثاني فهو فعل الخير، والتوزيع.

التنظيم الكنسي

   ما من سؤال في تاريخ الكنيسة كان مثار جدل وحوار أكثر من السؤال حول النظام الرئاسي للكنيسة وتطوره.

 لم يكن لكل المنظمات المسيحيّة شكل واحد، بل كانت هناك أنماط مختلفة في جهات متفرقة. ولكن في منتصف القرن الثاني الميلادي تم التوصل إلى شبه نظام متفق عليه. ولم يكن لكنائس الأمم رؤساء بمعنى الكلمة.

 كان الرسول بولس يُعْزِي كل الخدمات في الكنيسة من أي نوع إلى عطيّة الروح القدس مباشرة للخدمات المتنوعة، ويوضِّح الرسول بولس في أيامه ثلاثة منها هي (رسل-أنبياء-معلمون).

 ثم صار في الكنيسة من يؤدّون خدمة دائمة متفرغة ومتخصِّصة كما في كنيسة فيلبي وأفسس.

 

الفصل الثاني

 الكنيسة الجامعة

    حتى الثلث الأخير من القرن الثاني احتفظت الكنيسة باللقب «الكنيسة الجامعة». وكلمة «جامعة» استخدمها أغناطيوس، لأول مرة، بالفكر الأفلاطوني مقابل «التخصيص».

 وهكذا خرجت الكنيسة من الأغناطيوسيّة والمونتانيّة بالكنيسة الجامعة بنظامها الأسقفي القوي، ومبدأ موثوق به، وإقرار إيمان فعال.

 إنَّها الكنيسة التي تختلف عن كنيسة العصر الرسولي ولكنها حفظت المسيحيّة التاريخيّة وحملتها وسط أزمات طاحنة.

كنيسة الدولة

من 180- 260 ميلاديّة

    يعتبر عام 180 بدء انحلال الإمبراطورية الرومانيّة، مع أنَّ عوامل الانحلال بدأت قبل ذلك. وأما الكنيسة فكانت، رغم ذلك، تنمو نموًا واضحًا وازداد عدد الحضور في اجتماعات الكنيسة. وفي بداءة القرن الثالث كان انتشار المسيحيّة بين المتكلمين باللغة اللاتينيّة، ولم يقتصر بعد على الناطقين باللغة اليونانيّة كما كان من ذي قبل.

وفي مصر تغلغلت المسيحيّة بين المواطنين المصريين وتعمق مفهوم المسيحيّة بينهم، وأصبحت الكنيسة على درجات متفاوتة من القرب مع الدولة، حسب رغبة الأباطرة.

وفي أواخر القرن الثالث صدر قرار إدانة الكنيسة وأصبح لا حق لها في الوجود، وزاد الإحساس بعدم الأمان ومُنعت اجتماعات الكنيسة. وبالرغم من كل هذا الصراع العنيف خرجت الكنيسة أقوى مما كانت قبلاً.

التطور الدستوري للكنيسة

   ببدء القرن الثالث الميلادي أضحي الفارق بين الإكليروس والعلمانيين واضحًا. وفي استخدام كلمة "الباكوس" و"كليروس" في اليونانيّة كان التطور متدرجًا، وكان الدخول في سلك الإكليروس بالسيامة وذلك للتخصص للعمل ولمنح موهبة الكرازة.

  وكان نظام الأساقفة، الشيوخ، الشمامسة، من التنظيمات الأوليّة في الكنيسة إلى منتصف القرن الثالث حيث أُضيفت بعض النظم الأخرى: مثل القارئ، و"القندلفت"، أي مساعد الكاهن، وطارد الأرواح الشريرة. وأيضًا وظيفة الحاجب الذي كان يقف في الباب ليمنع غير المعمَّدين من التناول. كما كانت في الكنائس الشرقيّة وظيفة "الشماسات" للعنايّة بالمرضى والمسنين.

 

الفصل الثالث

        بحلول سنة 300 م كانت المسيحيّة قد انتشرت في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانيّة؛ في أسيا الصغرى، وشمال أفريقيا، ومصر، وإيطاليا، وإسبانيا. وقد نمت الكنيسة بسرعة فائقة في أيام السلام خاصة في النصف الثاني من القرن الثالث، وتأسَّست كنائس في روما وأورشليم وبيت لحم.

وبعد أنْ أصبحت المسيحيّة الدين الرسمي للامبراطوريّة الرومانيّة صار للأباطرة السيادة الفعليّة على الكنيسة وصار من حق الإمبراطور تعيين الرتب العليا في الكنيسة، وفي عصر الإمبراطور قسطنطين نال الأساقفة حظوة عاليّة وصار لهم حق الإعفاء من الضرائب، وصارت لهم كذلك امتيازات أخرى وأصبحت الكنيسةُ كنيسةَ الدولة.

 

انقسام الكنيسة

  بدأ النزاع الآريوسي في أيام الإمبراطور قسطنطين، وانقسمت الإمبراطورية بعده إلى ثلاثة من أولاده وأصبحت هناك ثلاث إمبراطوريات. وأصبح كل من الشرق والغرب تحت سيادة إمبراطورين يختلفان عن بعضهما. وبدأ الصراع في الكنيسة بين الشرق والغرب.

انقسام الشرق

        عندما أصبح قرار خلقيدونية القانون الرسمي في الإمبراطورية الغربيّة أضحى ذلك، في نظر الشرق، نوعًا من النسطوريّة، وأضحي التهديد السياسي للانقسام في الإمبراطورية طريق الانقسام الدينيّ بل صار الانقسام الدينيّ أكثر إلحاحًا.

 وتوالت الغزوات على الامبراطوريّة في الشرق والغرب والكنيسة منقسمة.

الكنيسة في العصور الوسطي

        عانت الكنيسة في الشرق والغرب بسبب الانقسامات السياسيّة والتيارات الدينيّة المتعاقبة. كانت الكنيسة، في بحر العالم الصاخب، ترتفع وتنخفض بين مد وجذر التيارات السياسيّة والدينيّة المتلاطمة.

 لم يكن ذلك في العصور الوسطي المتقدمة فقط، بل وأيضًا في العصور الوسطي المتأخرة.

  ومع سوء الأحوال الاقتصاديّة من سنة 970 -1095 م وسقوط الإمبراطورية الغربيّة ساد الاعتقاد بالزهد في متاع الأرض والاستمتاع بغني السماء. وفي غيرة دينيّة طقسيّة توالت الحروب الصليبيّة.

        وبدأت جماعات مختلفة في الكرازة في أماكن متفرقة في الغرب، وبدأت إرساليات الدومنيكان والفرنسيسكان، وبدأ كذلك نظام المعاهد والدراسات يأخذ طريقه في المسيحيّة، واتسعت دائرة الدراسات الجامعيّة في القرن الثاني عشر، ثم بدأ نظام الدراسات اللاهوتيّة في القرن الثالث عشر.

   أما عن محصلة المدة بين الحروب الصليبيّة والإصلاح فكانت مجموعة من الخسائر والغنائم في وقت واحد.

عصر النهضة

بدأ عصر النهضة في إيطاليا وتجسدت روح النهضة في بترارك، وخاصة في الأدب اللاتيني في كتابات شيشرون.

 وقد حصلت النهضة على دفعة قويّة باختراع يوحنا جوتنبرج لحروف الطباعة، ومع هذا كان تأثير النهضة قاصرًا على المتعلمين والشرفاء.

        أما بقيّة الشعب من الملايين الكادحة فكانوا يعتقدون في الكنيسة بأنها طريق السعادة في الحياة الحاضرة والرجاء في الحياة الأبديّة. ثم امتدت النهضة من إيطاليا إلى فرنسا وألمانيا.

 

الفصل الرابع

مارتن لوثر

في 10 نوفمبر سنة 1483 وُلِد مارتن لوثر، وتخرج في الكليّة في سنة 1505 بدرجة ماجستير في الفنون. كان لوثر دائم الإحساس بفساد طبيعته وحاجته إلى الخلاص مما جعله ينهي دراسته في القانون ويلتحق بأحد الأديرة في 17 يوليو 1505م، ثم رُسِم كاهنًا في سنة 1507 وحصل على الدكتوراه في اللاهوت في سنة 1512م.

بعد ذلك صارت هناك اجتماعات إنجيليّة في أماكن متفرقة في ألمانيا مما جعل لوثر يصدر كتاب "تنظيم العبادة" في سنة1523م.

   تعتبر سنة 1517 وبالذات 31 أكتوبر من تلك السنة يومًا حاسمًا في تاريخ الكنيسة المسيحيّة. ففي ذلك اليوم أعلن مارتن لوثر اعتراضاته الخمسة والتسعين ضد صكوك الغفران وعلّقها على أبواب كاتدرائيّة وتنبرج، استعِداداً لمناقشتها علنًا وتحمل مسؤوليتها. ولو عرفنا مدى السلطان التي كانت تتمتع به الكنيسة إذ ذاك. السلطان الذي كاد أن يكون مطلقًا، لتصورنا مقدار المغامرة التي نوى لوثر أن يخوضها. وأنَّقذ الله لوثر من فم الأسد، ومن ذلك اليوم بدأ الإصلاح البروتستانتي الشهير.

جون كالفن

        ولكن لوثر لم يكن وحيدًا في تلك المعمعة، فإلى جانب الأبطال الذين سبقوه من أمثال جون ويكلف وجون هس، كان هناك من عاصره وسانده في معركته الطويلة مثل زونجلي وملانكثون ولعل أعظم معاصريه طراً، ولعله واحد من أعظم معلمي المسيحيّة في كل عصورها هو جون كالفن، ذلك الشاب الفرنسي الذي أعده أبوه لكي يكون محاميًا، ولكنه بعد وفاة والده تحول إلى دراسة الأدب، ثم تحول، فجأة، إلى دراسة اللاهوت بعد أن اعتنق المذهب البروتستانتي، ثم كتب وهو في سن السادسة والعشرين أشهر كتبه جميعًا- النظم المسيحيّةChristian Institutes.

        وأعظم ما امتاز به كالفن وتفوق فيه على كل زعماء الإصلاح، بما فيهم لوثر نفسه، هو عبقريته التنظيميّة، وظهرت هذه العبقريّة واضحة في عمله في مدينة جنيف. فقد عزم أن يجعل من هذه المدينة كلها كنيسة قويّة، فأعلن أن المسيحيّة والتعليم مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، ومن يرد مسيحيّة قويّة فعليه أن يفتح باب الدراسة واسعًا للمسيحيين، ولهذا السبب أنشأ المدارس لتعليم الدين، ثم توّجها بافتتاح الدراسة الأكاديميّة للدراسات ليتخرج فيها خدّام الكلمة، وكان كالفن يختارهم بدقة فائقة إذ عرف مقدار أهميتهم في الكنيسة. ولكي يساعد القسيس في عمله ويعيِّنه في مراقبة الكنيسة أنشأ له مجلس من الشيوخ. وزاد على ذلك بأن كوّن مجالس أخرى من جماعة الشمامسة للخدمة الماديّة. وبذلك يكون كالفن أول من وضع أساس النظام المشيخي في نظام إدارة الكنيسة المسيحيّة.

ولكن جنيف لم تكن إلا كنيسة واحدة، فلم تزد منظماتها عن مجمع واحد. فقد اكتمل النظام المشيخي في فرنسا سنة1555م عندما تكونت الهيئات الكنسيّة للكنيسة المشيخيّة بدءًا من مجلس الكنيسة حتى المحفل العام. 

  وانتشر هذا النظام، فتبنته إسكتلندا عام 1560م. ثم ظهر في إنجلترا رغم معارضة الكنيسة الأسقفيّة له، ثم أيرلندا وألمانيا وغيرهما من بلاد أوروبا، ومن هنا انتقل إلى أمريكا وكندا.

الفصل الخامس

الكنيسة الإنجيليّة في مصر

        هي كنيسة الشعب، فالشعب هو القاعدة، الشعب هو الذي يختار القسوس، ومن الشعب يُنتخَب الشيوخ والشمامسة.

  لذلك الكنيسة "مشيخيّة" لأن النظام المشيخي هو نظام إدارتها. فالقسوس هم شيوخ معلمين، وشيوخ الكنيسة هم مدبِّرون يعاونون القسوس في تأديّة مهام وظيفتهم.

وتُعرف الكنيسة المشيخيّة في مصر. وتوجد بعض التواريخ الهامة التي تعتبر مؤشرات على الطريق في مواصلة مسيرتها.

وقد اعتبرت سنة 1863 سنة بداية الكنيسة الإنجيليّة في مصر، وذلك لأنه في 15 فبراير 1863 رسم المجمع أربعة شيوخ، وثلاثة شمامسة لأول كنيسة في مصر، كنيسة الأزبكيّة بالقاهرة.

        وكان هذا المجمع وهو أول مجمع مصري في يوم 23 مايو سنة 1860.

وفي سنة 1863 تقرَّر افتتاح مدرسة لاهوت لتدريب الخدّام المصريين وقد بدأ ما كان معروفًا باسم «صف اللاهوت».

        وفي سنة 1870 اختير القس "تادرس يوسف" كأول سكرتير وطني للمجمع، وتحولت اللغة الرسميّة للمجمع من اللغة الإنجليزيّة إلى اللغة العربيّة.

        وفي سنة 1899 تكون "سنودس النيل" من أربعة مجامع وهي:

الوجه البحري-الأقاليم الوسطي-مجمع أسيوط ومجمع الأقاليم العليا.

        وفي سنة 1900 تسلم السنودس العمل في السودان حتى عام 1912 حين صار العمل في السودان مجمعًا خامسًا للسنودس.

        وفي سنة 1926 أعلن السنودس الاستقلال المالي والإداري. وفي سنة 1958 خرج السنودس من نظام رابطة المحفل العام للكنيسة المشيخيّة المتحدة في العالم.

        ودُعيت الكنيسة وقتئذ «كنيسة الأقباط الإنجيليين» وفي تلك السنة تكونت المجالس المتخصّصة بدلاً من اللجان السنودسيّة العامة.

وصار هناك «المجلس العام، والمجلس المالي، والمجلس الروحي، ومجلس التهذيب، ومجلس المؤسسات الخاصة».

        ثم أُلغي المجلس العام ومجلس المؤسسات الخاصة ولكن بقيت المجالس.

        ثم في سنة 1963 صارت المدارس التي كانت تُدار بمعرفة الإرساليّة الأمريكيّة إلى إدارة سنودس النيل، وبمقتضي الاتفاق بين السنودس ووزارة التربيّة والتعليم المصريّة، وتكوّن مجلس إدارة مدارس سنودس النيل.

        كذلك تغيّر تشكيل مجلس وكلاء طلبة اللاهوت إلى مجلس إدارة كليّة اللاهوت، وهو النظام القائم حاليًا للسنودس بمجالسه المختلفة.

        وأما عن "دستور الكنيسة" ففي سنة 1912 وضع السنودس الدستور الأول باسم "سياسة الكنيسة المشيخيّة المتحدة ونظام عبادتها" وأجرى السنودس في سنة 1935 تنقيحًا له وطبع نسخة منقَّحة.

        وفي سنة 1958 عندما أعلن السنودس خروجه عن رابطة المحفل العام، قرَّر السنودس استمرار العمل بدستور الكنيسة، بصفة مؤقَّتة، لحين وضع دستور جديد.

وقد تقدمت اللجان المتخصِّصة بمسوَّدات للدستور طوال هذه المدة، إلى أن قرَّر السنودس اعتماد الدستور المقدَّم في دورته سنة 1984 وقرَّر عمل بعض التعِديلات والإضافات وطبع الدستور الجديد.

 

دستور الكنيسة

        وضع السنودس نظامه الأساسي في عام 1912 باسم «سياسة الكنيسة المشيخيّة المتحدة ونظام عبادتها» ونقِّح عام 1935.

        وظََّلت الكنيسة تعمل بهذا الدستور حتى عام 1958، عندما أعلن السنودس استقلاله عن المحفل العام، فُأعلن استمرار العمل ب "سياسة الكنيسة ونظامها الأساسي"، الذي هو بين أيدينا الآن.

الملفات

ما هو رد فعلك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow