الباب الأول، إقرار الإيمان الإنجيلي- جزء أول، مادة 1-24

أبريل 18, 2024 - 18:02
أبريل 28, 2024 - 13:54
 0  16

الباب الأول

الكنيسة ونظامها الروحي

 

القسم الأول: إقرار الإيمان الإنجيلي

                                     القسم الثاني: الكنيسة والعبادة

 

الكتاب المقدَّس، بأسفاره الستة والستين، هو كلمة الله الحي، وهو الكتاب الوحيد المعصوم للإيمان والأعمال.

                                      إنَّ مواد هذا الدستور، مستمدَةٌ منه، ومؤسَّسةٌ عليه.

   

القسم الأول

 

إقرار الإيمان الإنجيليّ

(أربعة وأربعون مادة)

 

مادة 1- في الله

        نؤمن بأنَّه يوجد إله واحد، حي، حقيقي، روح، ذات، واجب الوجود، سرمدي، غير متغير، خالق الكون، وحافظه، وضابطه. إله غير محدود في المحبة والرحمة والقداسة والبر والعدل والحق والحكمة والقدرة.

        نؤمن بأنَّ الإله الواحد كائنٌ في ثلاثة أقانيم؛ الآب والابن والروح القدس، وأن هؤلاء الأقانيم جوهر واحد وهم متساوون في القوة والمجد.

مادة 2 - في الإعلان الإلهي

        نؤمن بأنَّ أعمال الطبيعة، وعقل الإنسان وقلبه، وتاريخ الأمم هي مصادر لمعرفة الله ومشيئته، ولو أنها لا تفي بحاجة البشر. ونؤمن أن الله قد أعطي إعلاناً واضحاً عن يد أناس تكلموا من قبل الله، مسوقين من الروح القدس. وأنَّه في ملء الزمان أعلن الله ذاته، إعلانًا تامًا، في وجه يسوع المسيح؛ الكلمة المتجسد.

مادة 3 - في الكتاب المقدَّس

        نؤمن بأنَّ الكتب المقدَّسة، أي كتب العهد القديم والعهد الجديد، هي كلمة الله، وكلها موحي بها، لفظًا ومعنى. وأنَّ كُتّابها -وهم مسوقون بالروح القدس- كتبوا بمقتضى نواميس العقل البشري. وأنَّها نص مؤتَمن للإعلان الذي أعلنه الله عن ذاته بمقتضى نعمته وهي تشهد للمسيح. وأنَّها قانون معصوم للإيمان والأعمال، وهي المرجع الأعلى ذو السلطان للحق الإلهي الروحي.

مادة 4 - في القصد الإلهي   

        نؤمن بأنَّ الأمور التي حدثت، أو التي ستحدث، جميعها داخلة في قصد الله الأزلي المطلق، سواء أكان بقضاءٍ محتوم أو بسماح منه. وأنَّها معيَّنة لإعلان مجده تعالي. غير أن الله ليس بمنشئ للخطيّة ولا بنازع لحريّة الكائنات الأدبيّة.

مادة 5 - في الخلق

        نؤمن بأنَّ الله، إتمامًا لمقاصده الحكيمة، سُرَّ في البدء، بأن يخلق العالمين بقدرته غير المحدودة. وبأن جميع الكائنات العاقلة، بشريّة كانت أو أسمي من بشريّة، خُلقَت بإرادته. وبأن في أدوارٍ متدرجةٍ كوَّن الله ونظَّم هذا العالم الذي نسكنه معطيًا حياة لكل خلقه. وبأنه أوجد الإنسان جسدًا ماديًا وروحًا خالدة مخلوقة على صورته تعالى، ذا عقل وإحساس وإرادة، في القداسة والسعادة، قابلاً للشركة معه، حرًا قادرًا أن يختار بين الخير والشر ولذلك فالإنسان مسؤول أدبيًا.

مادة 6- في العنايّة

        نؤمن بأنَّ الله متعال فوق كل أعماله ومتداخل فيها جميعها، وبأنه حاملٌ كل الأشياء بمشيئته وقدرته الفائقتيْن، معتنيًا بخلائقه ومحافظًا عليها بمقتضي نواميس وجودها، وهو يقود كل الحوادث ويديرها لمدح مجده. ونؤمن بأنَّه وإن كانت الأمور علاقة ثابتة بمقاصد الله الأزليّة بصفة كونه العلة الأوليّة، إلا أنها تُجرى بواسطة فعل أسباب ثانويّة. على أن الله قد يعمل بغير الوسائل والوسائط الطبيعيّة، كبرهان خارق العادة على وجوده.

 

مادة 7- في الملائكة

        نؤمن بأنَّ الله خلق فئة من الكائنات العاقلة أعلى من البشر، خالدين، مقتدرين قوة، ليكونوا خدامًا لعمل مشيئته. وأنَّ هؤلاء درجات متنوعة. وأنَّهم إذ وُضِعوا تحت الامتحان حفظ بعضهم قداستهم الأصليّة وتثبتوا فيها، بينما سقط البعض في الخطيّة ولا يزالون في حال السقوط. وأنَّ الملائكة القديسين هم خدمة العنايّة الإلهيّة لصالح ملكوته تعالى وخير الجنس البشري. وأنَّ الملائكة الساقطين بقيادة شخص رئيسهم، الشيطان، يعملون على تأسيس ملكوت شر بإغواء الناس وإفسادهم.

مادة 8- في خطيّة الإنسان

        نؤمن بأنَّ آدم، أبانا الأول، خُلِق بلا خطيّة، ووُعِد بالحياة الأبديّة على شرط الطاعة الكاملة إلى حين، تحت قصاص الموت الجسدي والروحي إذا عصى. وأنَّ آدم بصفة كونه أبًا للجنس البشري تعيّن نائبًا عنهم. وأنَّه تعِدى الوصيّة الإلهيّة مجربًا من إبليس، فسقط بتعِديه من حالته الأصليّة؛ حالة القداسة والشركة مع الله وصار عبدًا للخطيّة. وأنَّه بسبب خطيته وقع تحت الدينونة جميع البشر المتناسلين منه تناسلاً طبيعيًا ويُولَدون بطبيعة خاطئة بعيدة عن الله منها تصدر جميع الخطايا الفعليّة. وأنَّه ليس في طاقة أحد أن يخلِّص نفسه من حالة الجرم والفساد هذه.

مادة 9 – في الخلاص

        نؤمن بأنَّ الله الذي هو غني في الرحمة، من أجل محبته الغير المحدودة للعالم، قطع -قبل كل الدهور- مع ابنه الوحيد عهدَ نعمة، فيها صار الابن نائبًا عن الخطاة ووسيطًا لهم لدى الله، راضيًا فضلاً بأن يضمن لهم خلاصًا كاملاً باتخاذه طبيعتهم البشريّة، وبعيشته عيشة الطاعة الكاملة، وبموته النيابي، ليوفي الناموس الإلهي حقه ويُعِد برًا كاملاً لكل من يؤمن به. وبأنَّه بسبب هذا العهد قدَّم حالاً بعد السقوط وعد بالفداء. وإتمامًا لهذا الوعد، جاء المسيح في ملء الزمان إلى العالم وصنع خلاصًا كافيًا للجميع ومناسبًا لهم. وأنَّ الذين يقبلون هذا الخلاص -إذ يُولَدون ولادة جديدة- يُعادون إلى شركة الله ويُمنحون رغبة في ترك الخطيّة والعيشة ويصيرون ورثة للحياة الأبديّة.

مادة 10 – في الاختيار       

        نؤمن بأنَّ الآب السرمدي- قبل تأسيس العالم، وحسب مسرة مشيئته- أعطى لابنه شعبًا، هم جمع لا يُعَّدُ مختارون في المسيح للخلاص والقداسة والخدمة، وأنَّ جميع الذين يبلغون سن التمييز من هؤلاء يقبلون هذا الخلاص بالإيمان والتوبة. وأنَّ جميع الذين يموتون في سن الطفوليّة وسائر الباقين الذين أُعطوا من الآب للابن ولم تصل إليهم وسائط النعمة الخارجيّة يتجدَّدون ويخلصون بالمسيح بواسطة الروح القدس الذي يعمل متى يشاء، وحيث يشاء، وكيف يشاء.

مادة 11 – في الله الآب

        نؤمن بأنَّ الآب هو الأقنوم الأول في اللاهوت في رتبة الوظيفة والعمل. وأنَّه، بكيفيّة لا تُدرك، هو الآب للابن الوحيد بالولادة الأزليّة، وأنَّ منه -ومن الابن- ينبثق الروح القدس. وأنَّه في وحدة وشركة متبادلتيْن مع الابن والروح القدس. وأنَّه المبدع الأصلي في الخلق والفداء.

        ونؤمن بأنَّه آب لجميع البشر، حيث هم خليقته الأدبيّة العاقلة المصنوعة على شبهه. وبأنَّه أحب البشر محبة تفوق إحسانه العام فأعد لهم خلاصًا مشتركًا كلَّفه تضحيّة ذاتيّة لا يُعبَّرُ عنها. وأنَّ البشر، مع كونهم خطاة وقد فقدوا امتيازات البنويّة وأنكروا التزاماتها، إلا أنَّه لا تزال موجودًة فيهم آثارُ صورة أبيهم السماوي ولا يزالون يتمتعون بنصيب في عنايته وجوده.

        نؤمن بأبوة الله -بمعنى ممتاز- بالنسبة لأولئك الذين يصيرون أولادًا له بالتجديد والتبني، والذين يلبّون نداء محبته بروح البنوة وأنَّه بعلاقته الأبويّة مع هؤلاء يتمِّم رغائبه نحو البشر. وأنَّه يرحِّب بهم للدخول في الشركة معه ويجعلهم شركاءه في قداسته، ويتمِّم لهم قصده الصالح في كل ما يختص بخيرهم الزمني والأبدي.

 

 

مادة 12 – في الرب يسوع

        نؤمن بأنَّ الرب يسوع هو ابن الله الأزلي، ببنوة طبيعيّة ضروريّة كائنة في جوهر اللاهوت. وأنَّه -بمحض اختياره- أخلي نفسه من مجده وجلاله الإلهيْن، وصار إنسانًا باتخاذه لذاته جسدًا حقيقيًا ونفسًا حقيقيّة بلا خطيّة. إذ حُبِل به بقوة الروح القدس ووُلِد من مريم العذراء. وأنَّه لذلك إلهٌ حق وإنسانٌ حق، ذو طبيعتيْن كاملتيْن متميزتيْن-اللاهوت والناسوت-متحدتيْن في أقنومه الواحد لا تفترقان البتة. وأنَّه، بصفته الإله المتأنس، هو الوسيط الوحيد بين الله والناس، الذي به وحده ينبغي أنَّ نخلص. ونؤمن بأنَّ الرب يسوع المسيح مُسِحَ بالروح القدس ليكون لنا نبيًا وكاهنًا وملكًا كاملاً أبديًا. وأنَّه أعلن إرادة الله ومشورته. وأنَّه لأجل فدائنا أكمل كل بر بطاعته المقدَّسة وبذبيحته الكفاريّة لأجل خطيّة العالم. وأنَّه، بعد موته على الصليب ودفنه، قام من الأموات بجسده، وصعد إلى السماء، حيث يشفع في شعبه على الدوام. وأنَّه حالٌ في المؤمنين، ساكنٌ في قلوبهم، مانحٌ لهم جدة الحياة والقوة، جاعلٌ إياهم شركاء فيه وفي ماله، وأنَّه جالس عن يمين الله، رأسًا لكنيسته وملكوته، وله سلطان على جميع المخلوقات العاقلة والغير العاقلة، وأنَّه سيأتي ثانيّة في مجد ليبطل الشر ويرد كل شيء.

مادة 13 – في الروح القدس

        نؤمن بأنَّ الروح القدس كائن ذو شخصيّة حقيقيّة، وهو الأقنوم الثالث في اللاهوت منبثق من الآب والابن، يُؤمَّن به، ويُحَبُ، ويُطاعُ، ويُعبَدُ مع الآب والابن، وأنَّه اشترك في عمل الخلق. وهو رب كل حياة ومعطيها. وأنَّه حاضر مع البشر في كل مكان، ليرغِّبهم في عمل الخير ويمنعهم عن الشر. وأنَّه تكلم بالأنبياء والرسل وأوحى إلى جميع كتبة الأسفار المقدَّسة ليعصمهم عن الخطأ في تدوين فكر الله وإرادته. وأنَّه كانت له علاقات خاصة مع الرب يسوع المسيح، إذ بقوته اتخذ ابن الله طبيعتنا بدون أن يتدنس بالخطيّة. وبإرشاده وبمعونته وبتعضيده تمَّم المخلص عمله كوسيط. وإنَّه إليه موكولة خدمة الإنجيل، بكيفيّة خاصة، فيصحبها بقوته المقنعة ويفعل برسالته في عقول الناس وضمائرهم، حتى لا يبقي عذر للذين يرفضون الرحمة المقدَّمة لهم فيها.

        ونؤمن بأنَّ الروح القدس هو العامل الوحيد الفعّال في تخصيص الفداء إذ يبكت الناس على الخطيّة، وينيرهم في معرفة الحقائق الروحيّة، ويسوقهم للإصغاء إلى دعوة الإنجيل، ويوحِّدهم بالمسيح، ويسكن فيهم بصفته مصدر الإيمان والقداسة والتعزيّة والمحبة. وأنَّه يمكث في الكنيسة، كشخص حي، جاعلاً فرائضها فعّالة مانحًا أعضائها مواهب ونعمًا متنوعة، داعيًا خدامها، وماسحًا إياهم للخدمة المقدَّسة، مؤهلاً سائر الموظفين لعملهم الخاص. وأنَّه به تُحفَظ الكنيسة، وتُبنَى، وتمتد في كل العالم، وتتمجد أخيرًا في السماوات مع المسيح.

مادة 14 - في الكفارة

        نؤمن بأنَّ ربنا يسوع المسيح بعمل نعمته الاختياري، وبمقتضي تعيين الآب، بذل نفسه فديّة لأجل الجميع. وأنَّه بصفة كونه نائبًا عن الإنسان الخاطئ كان موتُه ذبيحةً كفاريّةً غير محدودة، أوفت حق عدل الله وقداسته وكرَّست طريقها للقدوم إلى الله لنوال الغفران والتجديد. وأنَّ هذه الكفارة، وهي مقدمة لأجل خطيّة العالم، لا تصير فعّالة إلا لأولئك الذين ينقادون بالروح القدس إلى الإيمان بالمسيح كمخلص لهم.

مادة 15 – في دعوة الإنجيل

        نؤمن بأنَّ الإنجيل هو إعلان نعمة الله للخطاة كخطاة، وأنَّه فيه يُقدَّم الخلاص، مجانًا وبلا شرط، في المسيح، لكل الذين يسمعونه كيفما كانت صفاتهم أو ظروفهم. وأنَّ هذه التقدمة هي في حد ذاتها باعث أصلي على الطاعة وأنَّ لا شيء يمنع قبولها سوى العناد الأثيم.

مادة 16- في التجديد

        نؤمن بضرورة التجديد الذي به نحن، الأموات روحيًا بالطبيعة، نصير خليقة جديدة، مثبتين في الاتحاد بالمسيح، معتَقين من عبوديّة الخطيّة، أحياء لله. وأنَّ هذا هو عمل الروح القدس المباشر الذي يغيِّر الميل السائد في النفس، بعمل قوته السري مباشرة. وأنَّ تجديد الذين يبلغون سن التمييز يتم، عادة، باستعمال كلمة الحق الإلهي.

مادة 17- في الإيمان الخلاصي

        نؤمن بأنَّ الإيمان الخلاصي هو عطيّة الله، وأنَّه ليس مجرد التصديق بأنَّ الرب يسوع المسيح هو مخلِّص الخطاة، بل أيضًا قبوله من كل القلب مخلِّصًا، وتخصيصه للنفس والاتكال الكامل عليه. وأنَّ هذا الإيمان الذي يتناول اقتناع العقل، واتكال القلب، وطاعة الإرادة، يرتكز فقط على عطيّة المسيح المجانيّة العموميّة المقدَّمة في الإنجيل للخطاة من البشر. وأنَّ هذا الإيمان هو الشرط والوسيلة الضروريان الكافيان لنوال كل عطيّة روحيّة وللتحقق من الخلاص تدريجيًا.

مادة 18- في التوبة

        نؤمن بأنَّ الإيمان الخلاصي يؤول إلى التوبة، التي هي في جوهرها رجوع من الخطيّة إلى الله، مقترنًا ليس فقط بالحزن على الخطيّة بل أيضًا بكراهتها، وبرغبة صادقة، وعزم خالص على إطاعة شريعة الله العادلة. وأنَّها، وإن تكن تنشأ في الخاطئ المؤمن بواسطة الروح القدس، فهي تصدر عن شعور بالخطيّة من حيث هي جرم ونجاسة، وعن إدراك لرحمة الله في المسيح، وأنَّها لا يعوَّل عليها للتكفير عن الخطيّة، أو لتكون أساسًا للغفران، ومع ذلك فهي ضروريّة بهذا المقدار حتى إنَّه لن يخلص أحدٌ بدونها. وأنَّها تتبرهن بالتذلل والاعتراف بالخطيّة أمام الله، وبالتعويض عن الإساءات التي لحقت بالآخرين.

مادة 19- في التبرير

        نؤمن بأنَّ التبرير هو حكم قضائي من الله، يضع الخطاة في نسبة جديدة إلى ذاته تعالى، وإلى شريعته وذلك بمقتضى نعمته المجانيّة. ومن ثم تُغفَر لهم خطاياهم ويُقبَلون كأبرار لديه. وأنَّ العلة الأساسيّة ليست عملاً تمَّ فيهم أو صدر منهم، بل هي مجرد بر المسيح الكامل المتضمِن كلَّ ما قام به في سبيل الطاعة، وكل ما احتمله من الآلام نيابة عنهم حينما كان على الأرض، فهو بر محسوب لهم ينالونه بالإيمان فقط. وأنَّ برهان التبرير هو السيرة المقدَّسة والتقوى.

مادة 20- التبني

        نؤمن بأنَّ التبني هو فعل نعمة الله المجانيّة الذي به يُقبَل المتبررون في عداد أولاده المخلصين، ويُوضَع اسمه عليهم، ويعطَون روح ابنه، ويكونون موضوع عنايته وتأديبه الأبوييْن، ويفوزون بالدخول إلى حريّة أهل بيت الله وامتيازاتهم، ويصيرون ورثة جميع المواعيد ووارثين مع المسيح في المجد.

مادة 21 - في التقديس

     نؤمن بأنَّ التقديس هو مواصلة العمل لتكميل التغيير العظيم الناشئ عن التجديد. فهو خلاص تدريجي من سلطان الخطيّة ونجاستها، مع نمو متماثل في الخلق المقدَّس. وأنَّه يتم بقوة الروح القدس في المؤمن، الذي به يتمكن الاتحاد بالمسيح وتتقوى الرغبات المقدَّسة، وأنه في التقديس يكون المؤمنون عاملين مع الروح القدس، إذ أنَّهم مدعوون للإيمان والتوبة، وللطاعة الحقيقيّة في النيّة والعمل، ولتكريس ذواتهم لإرادة الله، وللاجتهاد في ممارسة وسائط النعمة. إنه، وإن يكن بسبب نقص الإيمان وضعف الطبيعة البشريّة لا يتسنى البلوغ إلى الكمال في الحياة الحاضرة، إلا أنَّه يجب على المؤمنين أن يجعلوا غرض حياتهم المطابقة التامة لإرادة الله، الغرض الذي يزدادون قربًا منه بازدياد اختبارهم في المسيح وتخصيصه لهم أكثر فأكثر.

مادة 22- في الاتحاد بالمسيح

        نؤمن بأنَّ جميع الذين يقبلون المسيح بالإيمان الخلاصي، يتحدون به اتحادًا سريًا بالروح القدس. وأنَّه بذلك تصير لهم علاقة حيويّة به، كحامل الخطيّة ومعطي الحياة، فيضمن قبولهم لدى الله وتجديد طبيعتهم ونموهم في القداسة وقوة الإثمار، وأنَّ المؤمنين باتحادهم هكذا بالمسيح، كرأسهم، وبتعزيتهم بحياته العاملة فيهم، هم مرتبطون معًا في هيئة واحدة روحيّة تسمى جسد المسيح.

مادة 23- في ضمان المؤمنين

        نؤمن بأنَّه بمقتضى قصد الله الأصلي، ومحبته الغير المتغيرة، وعمله الدائم، يُثَّبَتُ، إلى النهايّة في حالة نعمة، جميعُ الذين اتحدوا بالمسيح اتحادًا حيويًا وصاروا أعضاء في جسده السري ويتكمَّلون أخيرًا في المجد. وأنَّه، وإن سقط هؤلاء في الخطيّة وصاروا تحت سخط الله الأبوي إلى أن يتذللوا ويعترفوا، فإنَّهم لا يرتّدون أبدًا ارتدادًا نهائيًا. وأنَّ ثبات المؤمنين هذا يتم بالروح القدس، وفقًا لطبيعتهم العقليّة، باستعمال إنذارات الكتاب المقدَّس وتحذيراته وإرشاداته الموجهة إليهم، والمستخدمة لتربيّة النفس على امتحان ذاتها، والسهر والصلاة وممارسة الفرائض المقدَّسة بكل أمانة.  

مادة 24- في اليقين

        نؤمن بأنَّ للمؤمن، من بدايّة إيمانه، يقينًا بأنَّه مخلَّصٌ، يقينًا متناسبًا مع قوة إيمانه. وهذا اليقين الأوّلي مبنيٌ على وعد الله وقوته وأمانته. وأنَّه فوق ذلك يبلغ إلى يقينه الحس أو الشعور بواسطة نواله نعم أولاد الله نوالاً محسوسًا وشهادة الروح القدس الداخليّة. وأنَّه يُعَّدُ امتيازًا لكل مؤمن وواجبًا عليه أن يجِدَّ للحصول على يقينيّة الخلاص المحسوسة هذه التي بها يعيش في فرح وسلام، ويتنشَّط أكثر بالمحبة والشكر لله، وينقاد لطاعة أكمل وخدمة أتمَّ.

ما هو رد فعلك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow